LATEX

تأثير زينون الكمومى و الاعدام الكمومى للتعدد و التغير و الحركة و الزمن فى الواقع..


ويبقى فى رأيى اعظم و اغرب تأثير كمومى على الاطلاق (وكلها عظيمة و غريبة) هو تأثير زينون...
وزينون هو فيلسوف يونانى عبقرى تلميذ لمن هو عبقرى اكثر منه بارمانيداس و كانا فى زمن قبل ارسطو و كل ما نعرفه عنهما رواه عنهما افلاطون فى قصته حول بارمانيداس و ارسطو فى فيزياءه..
بارمانياداس كان يقول ان الحركة و التغير و الزمن و التعدد كلها محال عقلا و ان الوجود ثابت واحد وان الحركة سراب وكذا الزمن..و ان كل ذلك الذى نراه من حركة و تعدد و تغير و زمن هو انعكاس لحواسنا القاصرة و ان العقل حرى به ان يرتفع عن مستوى الحواس و يدرك حقيقة الواقع كما هى وهى حقيقة ان الواقع واحد و ثابت غير متغير و ان الحركة غير موجودة و اذن الزمن غير موجود...
فجاء زينون وقدم تسعة متناقضات لدعم وجهة نظر بارمانياداس لم يرد ارسطو الا على بعضها وكذا ارخميدس و توما الاكوينى و آخرون و مازال الفلاسفة الى يومنا هذا يحاولون الرد عليها..
واذكر ان رأى راسل -أب التحليلية فى هذا العصر- كان ان هذه المتناقضات تبقى غير هينة على الاطلاق و هو لا يظن ان الرياضيات (وراسل هو رياضى محنك ايضا) و الفيزياء قد حسمت اى منها بشكل نهائى..
ومن اقوى هذه المتناقضات ..متناقضة السهم الطائر...
يقول زينون انه حتى تحدث ال حركة (حركة السهم طائرا فى الهواء مثلا) فانه على الجسم ان يغير الموضع الذى يحتله...
لكن فى كل لحظة زمنية (واللحظة تعريفا ليس لها اى مدى) فان السهم لا يمكن ان يكون متحركا الى المكان الذى يحتله و لا يمكن ايضا ان يكون متحركا الى المكان الذى لا يحتله..
السهم لا يمكن ان يتحرك الى المكان الذى لا يحتله لانه ليس هناك زمن انقضى فى اللحظة الزمنية المعتبرة (فهى لحظة واحدة ليس لها طول اذن لا زمن يمر فيها و بالتالى لا توجد حركة)...
والسهم لا يمكن ان يتحرك الى المكان الذى يحتله لانه يحتله فى هذا الحين...
اذن السهم لا يمكن ان يتحرك...
يبدو ان هذا تمرين عقلى بدون معنى..
ولان كثيرا من الناس و ايضا العلم نفسه منغرسون اتغراسا كاملا فى الحسية فان الاتجاه المتوقع هو رفض مثل هذه التمرينات العقلية وافتراض ان الواقع فعلا كما يبدو لحواسنا...
ثم جاء الميكانيك الكمومى المبنى بالاساس على اقوى الحسيات التى عرفها الانسان وقلب الوضع كما يفعل دائما...
ففى عام 1977 انتبه الفيزيائيان الهنديان سودرشان Sudarshan و ميسرا Misra الى مفارقة عجيبة فى الميكانيك الكمومى تشبه الى حد كبير جدا تأثير زينون اعلاه فسموها تأثير زينون الكمومى...
اذكر اولا ان الميكانيك الكمومى يتحكم فيه قانونان عظيمان و ليس قانون واحد:
-معادلة شرودينغر التى تسمح لنا بحساب كيفية تغير وتطور الجسم فى الزمن بدون فعل القياس..
-مسلمة الانهيار collapse او مسلمة الاسقاط projection التى تسمح لنا بحساب كيفية تغير الجسم عند اجراء قياس عليه...
لاحظ سودرشان وزميله ان تطور الجسم من اجل الازمان القصيرة جدا هو تربيعى فى الزمن..
هذا يعنى بكل بساطة انه اذا انطلق الجسم من حالة ابتدائية معينة مثلا S0 فان احتمال ان نجد الجسم فى اللحظة t عند اجراء القياس عليه أنه مازال فى الحالة S0 هو احتمال كبير قريب جدا من الواحد بفرق متناسب تربيعيا فى الزمن t...واحتمال ان نجده فى اى حالة اخرى مختلفة عن S0 هو احتمال صغير جدا متناسب تربيعيا مع الزمن t ....
هنا سأل سودرشان و ميسرا السؤال الذكى جدا:
ماذا لو اجرينا عدة قياسات (N قياس مثلا) على الجسم بين اللحظة الابتدائية 0 و اللحظة النهائية t خلال اللحظات الزمنية nt/N ?...
اى ان n=0 هى اللحظة الابتدائية 0 و n=1 هى اللحظة الاولى و n=2 هى اللحظة الثانية و هكذا الى غاية اللحظة الاخيرة n=N التى هى بالضبط اللحظة النهائية t....
اذن نجرى على الجسم N قياس (وليس قياس واحد) متوالي فى مجالات زمنية صغيرة جدا و متساوية من اجل التحقق فيما اذا كان الجسم مازال فى الحالة الابتدائية S0 أم لا...
ماهو احتمال ان نجد الجسم فى الحالة الابتدائية S0?
الحساب من اجل عدد قياسات N يتناهى الى المالانهاية هو واحد...
اذن الجسم يقينا سنجده فى الحالة الابتدائية اذا تدخلنا و اجرينا عليه عدد لا نهائى من القياسات...
اى ان الجسم ثابت غير متحرك و كأن الزمن توقف..
وهذا هو هدف زينون الاول حققه عبر القرون و القبور بعد 2500 سنة...

No comments:

Post a Comment