LATEX

نظرية الوتر هى بنت نظرية الحقول من فيزياء الجسيمات..

و هى ايضا الجواب الذى تقدمه نظرية الحقول للكوسمولوجيا و الصداع الذى تسببت فيه لها...

النموذج القياسى standard model للجسيمات الاولية يعبر عن ثلاثة تفاعلات اساسية فى الكون هى: الكهرومغناطيسية و النووية القوية و الاشعاعية الضعيفة..و هو يعبر ايضا عن الجسيمات الاولية التى تخضع لتلك التفاعلات..
فهناك ستة لبتونات leptons نبدأها بالالكترونات وهى اشهرها و اقدمها و النيترينوات neutrinos الجسيمات الاشباح و اخوانهم الاثقل و كل هؤلاء لا يخضعون الا للكهرومعناطيسية و الضعيفة الموحدتان فى قوة واحدة تسمى القوة الكهروضعيفة...
ثم هناك عائلة الكواركات quarks وهى ستة انواع و هذه تخضع بالاضافة للقوة الكهروضعيفة للقوة النووية القوية..
اللبتونات و الكواركات هى فرميونات fermions بمعنى انها ذات سبين spin يساوى نصف....أما التفاعلات فيما بينها فيعبر عنها بجسيمات معيارية بوزونية gauge bosons ذات سبين يساوى واحد حاملة للقوة فمثلا الكهرومغناطيسية ينقلها جسيم الفوتون photon و النووية تنقلها ثمانية جسيمات تسمى غليونات gluons و الضعيفة تنقلها ثلاثة جسيمات يرمز لها ب W+,W-,Z0 وهى الوحيدة التى لها كتلة على عكس الفوتون و الغليونات لان التناظر الكهروضعيف هو تناظر منكسر تلقائيا spontaneously broken للتناظر الكهرومغناطيسى الذى نراه فى الكون...
هذه التفاعلات كلها تخضع لتناظر يسمى التناظر المعيارى gauge symmetry فالتناظر الكهرومغناطيسى و التناظر النووى القوى و التناظر الاشعاعى الضعيف هى كلها امثلة عن تناظرات معيارية..وهى كلها تناظرات مضبوطة حتى الضعيف منها الذى انكسر تلقائيا هو بالفعل تناظر للاغرانجية Lagrangian الجملة و لهذا نقول انه انكسر تلقائيا لانه عندما تختار الجملة اتجاه معين فى فضاء الحالات-وهنا الانكسار التلقائى- فان اللاغرانجية تبقى دائما متناظرة..
وكل هذا ضرورى حتى تبقى النظرية قابلة للتنظيم renormalizable اى لديها قوة تنبأ predictive power و بالتالى تبقى احادية unitary -وهو فى ابسط صوره شرط ان يبقى مجموع الاحتمالات يساوى واحد- وهذه شروط قوية جدا جدا لا تهاون فيها البتة خاصة الاحادية ...
ثم ان اللبتونات و الكواراكات و اجسامها المضادة antiparticle يجب ان تأتى اولا بدون كتلة بسبب هذه التناظرات المعيارية ثم تكتسب الكتلة عند الانكسار التلقائى للتناظر المعيارى و هذا عن طريق جسيم الهيغز Higgs الذى يتحكم بكل هذا الامر وهو جسيم سلمى scalar ذو سبين يساوى صفر و هو الجسيم السلمى الوحيد فى الكون و ايضا آخر الجسيمات الأولية اكتشافا فى المسرعات...
شيء آخر ربما يجب ذكره هنا ان النيترينوات لا تأتى فى نسختين دوارة الى اليمين left-handed و دوراة الى اليسار righ-handed مثل الالكترونات بل تدور فقط فى اتجاه واحد معين وهذا بسبب عدم احترام التفاعلات الضعيفة للتناظرات المتقطعة discrete symmetries: العكس فى الزمن time reversal او T, القلب فى الفضاء parity أو P و الارفاق فى الشحنة charge conjugation أو C, لكنها كغيرها من القوى تحترم التناظر الكلى CPT الذى هو تركيب لهذه التناظرات المتقطعة وهذا احد اقوى مبرهنات نظرية الحقل...
ايضا فان النيترينوات كتلتها مهملة جدا لكنها غير منعدمة تتسبب فى ما يسمى اهتزاز النيترينوات neutrino oscillation ...
اللاغرانجية القياسية تتشكل من لاغرانجية ديراك Dirac بالنسبة للكواركات و اللبتونات و لاغرانجية ماكسويل Maxwell بالنسبة للحقل الكهرومغناطيسى و لاغرانجية يانغ و ميلز Yang-Mills التى هى تعميم لماكسويل بالنسبة للحقل النووى القوى و الحقل الاشعاعى الضعيف و لاغرانجية التفاعل الرباعى للحقل السلمى phi-four بالنسبة لجسيم الهيغز...
التناظرات المعيارية الثلاثة للكهرومغناطيسية و النووية القوية و الاشعاعية الضعيفة التى تتحلى بها اللاغرانجية القياسية يعبر عنها رياضيا بثلاث زمر groups يرمز لها على التوالى ب U(1), SU(2), SU(3) اذن النموذج القياسى يتحلى بالتناظر المعيارى الذى يعبر عنه رياضيا بالجداء المباشر U(1)xSU(2)xSU(3) ...
من البديهى ان اللاغرانجية المعيارية تتحلى ايضا بتحويلات لورنتز Lorentz و الدوارانات و الانسحابات المرفقة بالنسبية الخاصة و انحفاظ الطاقة و كمية الحركة و العزم الحركى...
فى الاخير البعض يضيف الى هذه اللاغرانجية القياسية-التى تبدو معقدة لكن هى ليست كذلك حقيقة- لاغرانجية هيلبرت Hilbert و اينشتاين للحقل الثقالى الذى هو مرفق بجسيم الغرافيتون graviton ذو السبين 2 الذى يصف النسبية العامة... لكن تبقى التفاعلات الثقالية فى عالم الجسيمات الاولية مهملة جدا جدا ...
بعد كل هذا العذاب الأليم من فيزياء الجسيمات الاولية و نظرية الحقول الكمومية تأتى الكوسمولوجيا و تقول لنا بكل بساطة و بكل ثقة انتم لم تفعلوا شيئا فان كل هذا الذى ذكرتموه لا يشكل الا 5 بالمائة من اجمالى كتلة الكون..فاين الباقى?..
الباقى تقول الكوسمولوجيا هو طاقة مظلمة و مادة مظلمة وهو كلام فقط لان الطاقة المظلمة و المادة المظلمة مازالتا مجهولتين الى حد كبير بالنسبة لنظرية الحقول الكمومية التى لا تعرف ماهيتهما و كيف تحسبهما...
و حتى تستطيع نظرية الحقول ان تستجيب الى هذا الضغط الهائل و الصداع المزمن الذى تسببت فيه الكوسمولوجيا كان يجب عليها ان تأتى بنظرية ثقالة كمومية و من هنا جاءت نظرية الوتر التى هى بكل المقاييس بنت نظرية الحقول من فيزياء الجسيمات..
وهذا المنشور كان جواب على سؤال..

الفيزياء: دين الثنائيات بدون منازع: لا توحيد و لا تتثليث و لا يحزنون!!!



مالداسينا Maldacena فى عام 1997 قدم اعظم انجاز فى الفيزياء النظرية ربما فى ال 100 سنة الاخيرة اى منذ عهد بور Bohr و جماعته و انجازهم فى الميكانيك الكمومى و منذ عهد اينشتاين Einstein و انجازه فى النسبية..اذن فى رأيى انجاز مالداسينا هو اعظم حتى من انجاز النموذج المعيارى الجسيمى او النموذج المعيارى الكوسمولوجى, حيث تبقى مقالة مالداسينا حول الثنائية الثقالية/المعيارية gauge/gravity duality و بالخصوص الحالة الخاصة بالمقابلة correspondence بين الفضاء دى سيتر العكسى Anti de Sitter space و نظرية الحقل الكونفورمال conformal field theory او اختصارا المقابلة AdS/CFT اكثر المقالات المستشهد بها فى كل تاريخ فيزياء الطاقات العليا بحوالى عشرة الاف استشهاد citations ...وهذا الانجاز سمح لمالداسينا من الانتقال المباشر من طالب دكتوراة فى نهاية الرسالة الى استاذ فى هارفارد و هذا نادر جدا فى امريكا ان يحصل دون العبور على مناصب البوستدوك...
لكن ماهى الثنائية الثقالية/المعيارية?
هى تنص بكل بساطة على الاتى:ركزوا فى المحورين ادناه...
-نظرية الحقل المعيارى الممتاز U(N) فى p+1 بعد....الممتاز يعنى انه يتمتع بتناظرات ممتازة..والحقل المعيارى هو تعميم للحقل الكهرومغناطيسى الذى هو حقل معيارى U(1)...اذن هذا الحقل يحتوى على N شحنة و N شحنة مضادة...
نأخذ هذه النظرية المعيارية التى تعطى تفاعلاتها بثابت اقتران معيارى gauge coupling constant g^2 فى نهاية توهفت 't Hooft المعرفة بأخذ N الى مالانهاية و g^2 الى صفر مع تثبيت ثابت توهفت
lambda=N*g^2
من المعروف ان هذه النظرية المعيارية فى بعد p+1 فى نهاية توهفت تصف N من براينات دريشلى D-branes المتطابقة coincident من البعد p ...
هذا من جهة..
من الجهة الاخرى...
-مجموعة ال N من براينات دريشلى المتطابقة ذات البعد p تشكل ما يسمة البراين الاسود black brane من الرتبة p الذى هو تعميم للثقب الاسود...هذا البراين الاسود يولد فضاء-زمن منحنى تعطى متريته بالثقالة الممتازة من النوع II ...
الثنائية الثقالية/المعيارية تنص على ان النظرية المعيارية U(N) الممتازة فى بعد p+1 فى نهاية توهفت هى بالضبط الثقالة الممتازة من النوع II فى بعد عشرة حول الفضاء-زمن المعطى بالبراين الاسود من الرتبة p...
اذا اردنا أخذنا التصحيحات الكمومية من جهة الثقالة التى هى متناسبة مع ثابت الاقتران الوترى g_s فانه علينا ان نذهب ابعد من نهاية توهفت عن طرق اخذ التصحيحات من الرتبة 1/N^2 فى النظرية المعيارية حيث N هو عدد الالوان اعلاه...
اذا اردنا اخذ التصحيحات الوترية من حهة الثقالة و هى متناسبة مع طول الوتر الاساسى l_s فانه علينا مرة اخرى الذهاب ابعد من نهاية توهفت عن طريق اخذ التصحيحات من الرتبة 1/lambda فى النظرية المعيارية حيث lambda هو ثابت توهفت اعلاه...

على ان اذكر ان النظرية المعيارية هى نظرية معرفة تماما فى الميكانيك الكمومى و اكثر منذ ذلك هى معرفة غير اضطرابيا عن طريق الشبكة..اذن الثنائية الثقالية/المعيارية تعطى تعريف كمومى غير اضطرابى كامل للثقالة الكمومية وهذا هو المطلوب اذن لماذا المقاومة من البعض!!!!
فى المرة القادمة ان شاء الله ساعطى امثلة محددة على هذه الثنائية الثقالية/المعيارية...
وهذا احد تلك المنشورات المستمدة من محاضراتى التقنية...

التناظر الممتاز الموجود الذى عجزت التجربة عن ايجاده

مازلت اقول ان التناظر الممتاز موجود فى الطبيعة وان المادة المظلمة هى النوترالينو او اى جسيم آخر مرتبط بالتناظر الممتاز..
وهذا رغم النتائج التجريبية السلبية لحد الساعة..
لان الذى رأى كيف تجرب الرياضيات التناظر الممتاز لا يستطيع ان يصدق ان الواقع لا يجرب التناظر الممتاز هو الآخر..
دعنى اقولها وهى قضية منطقية بحتة بشكل معكوس..
لنفترض جدلا ان التجربة فى الاخير حسمت الامر و قالت لا للتناظر الممتاز..
السؤال لماذا لم يتخلق الكون مستعملا التناظر الممتاز هو سؤال اصعب بكثير للاجابة من السؤال لماذا تخلق الكون بالتناظر الممتاز..
وجود التناظر اسهل بكثير فى الفهم نظريا من غياب التناظر...

هل نصدق المنطق ام الحس: السؤال الازلى..


جميع القوانين الفيزيائية باستثناء القوانين التى تحكم التهافت النووى الضعيف لجسيم الكاوون kaon المحايد هى قوانين متناظرة تماما تحت تأثير العكس فى الزمن..
اذن اى تفاعل -باسثناء الكاوون- الذى يقع فى الاتجاه المعروف فى الزمن فان هذا التفاعل مسموح له ايضا ان يقع فى الاتجاه العكسى للزمن..
اذن القوانين الفيزيائية نفسها لا تحتوى على سهم الزمن اى لا يوجد فرق فيها بين الذهاب من المستقبل الى الماضى او من الماضى الى المستقبل...
لكن العالم يبدو انه يحتوى على اتجاه فى الزمن..فهناك السهم الترموديناميكى اى ان الجمل تسعى بطبيعتها الى اللانظام..وهناك السهم الاشعاعى اى انه لدينا فقط فى الكون مصادر للاشعاع و لا نرى ابدا بالوعات للاشعاع..وهناك السهم الكوسمولوجى اى ان الكون يتسع و لا ينكمش...
كل هذه الاسهم يمكننا ان ندخلها فى القوانين الفيزيائية عبر الشروط الابتدائية و ليس عبر القوانين لان القوانين كما ذكرت متناظرة...
السؤال من نصدق الفيزياء التى تقول ان الحاضر غير موضوعى او العالم الذى يقول ان الحاضر موضوعى..
يعنى مع من يقف العقل فى مثل هذه الوضعية: مع ما يراه فى النظرية ام مع ما يراه فى التجربة..
ومرة اخرى هل نصدق المنطق-بافتراض ان النظرية فعلا منطقية- ام الحس-بافتراض ان التجربة فعلا حسية-...

هل يمكن للمستقبل ان يؤثر على الماضى?


نعم هذا سؤال محترم جدا يطرحه الفلاسفة و الفيزيائيون النظريون مشككين و متشككين فى السببية!!
وهذا ايضا هو السبيل للسفر فى الزمن و عبور سرعة الضوء و غيرها من الظواهر الممنوعة فى الفيزياء و المنطق منعا لا يرقى الى درجة الاستحالة العقلية...
حجة الخدعة bilking argument هو برهان ضد السببية العكسية قدمه ماكس بلاك عام 1956 ...
وقبل ان نقدمه نعرف قليلا ماهى السببية العكسية و نذكركم ايضا ماهى السببية التى قال عنها برايس انها احدى مقدسات الفلسفة رغم ان الفيزياء لا تحتاجها!!!!...وهذا ليس انطباعى الشخصى لاننى اظنها اى السببية احدى مقدسات الفيزياء ايضا...
اولا نعرف السببية العكسية على انها امكانية وقوع المعلول قبل العلة او امكانية حدوث المسببات قبل اسبابها او امكانية تعلق الماضى و الحاضر على المستقبل...
وهى مرتبطة بالتأثير المتقدم advanced action مثلما ان السببية العادية مرتبطة بالتأثير المتأخر retarded action...
أما السببية التى نعرفها فهى تحدث فى سهم الزمن وان الماضى هو الذى يؤثر فى المستقبل و ليس العكس لان الماضى ثابت اما المستقبل فهو متغير كما يقولون او بالاحرى مجهول كما اقول...
و قد اتفق كثير من الفلاسفة ان السببية راجعة الى الفيزياء و ليس الى المنطق...اى ان السببية ضرورة طبيعية و ليست ضرورة عقلية...
السببية العكسية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالسفر فى الزمن و الجسيمات ذات السرعات التى تفوق سرعة الضوء مثل الطاكيونات و عليه فانها تؤدى الى نفس التناقضات...
نتصور حدث A سابق زمنيا لحدث آخر B كما فى الصورة...
لكن نتصور او نفترض مع ماكس بلاك ان B الذى يقع فى المستقبل هو سبب A الذى يقع فى الماضى..
الفكرة التى ينبنى عليها برهان الخدعة انه كل مرة يقع فيها الحدث A فاننا نتدخل فى سلسلة الحوادث التالية و نمنع الحدث B من الوقوع...
هذا يمكن تحقيقه عن طريق بناء آلة تتحقق اولا ما اذا كان A قد وقع ام لا...هذا نرمز له بالحدث C فى الصورة..
بعد ذلك هذه الآلة المصنوعة خصيصا لهذا الغرض تتحقق ان الحدث B يقع اذا و فقط اذا لا يقع الحدث C ...
اذن بواسطة هذه الالة فان الربط بين الحدثان A و C هو ربط ايجابى لان C يقع عندما يقع A أما الربط بين الحدثان B و C فهو ربط سلبى لان B يقع فقط عندما لا يقع C...
هذا متناقض مع الربط الايجابى المفترض فى البداية بين الحدثان A و B: هل ترون ذلك?
وهذا اقوى الحجج ضد السببية المعكوسة وقد اعجز الفلاسفة منذ وضعه صاحبه عام 1956...
لكن فيلسوف الزمن برايس Price يعتقد ان هذه الحجة تحتوى على ثغرة و بالتالى ان السببية العكسية او التأثير المتقدم او السفر فى الزمن كلها ظواهر تبقى ممكنة فيزيائيا و انها منطقيا لا تحتوى على اى تناقض عقلى بحت..
لمعرفة المزيد انظروا كتابه الذى حملناه هلى المدونة و على النادى منذ فترة...


من الاكثر اساسية العقل ام الكون?.. قراءة ان شاء الله اعمق بكثير من كل قراءاتى السابقة...


يقول الفيزيائى النظرى المشهور فيغنرWigner فى ملاحظاته حول معضلة العقل-و-الجسم mind/body problem عند رده على الاحادية المادية فى رفضها لوجود جوهر مختلف عن جوهر المادة اى جوهر العقل يقول ان تأثير الوعى-الذى هو اهم صفات العقل- على العالم المادى هو تأثير حقيقى لا يمكننا انكاره لاننا لا نعرف اى ظاهرة يؤثر فيها شيء على شيء آخر دون ان يكون هناك تاثير عكسى من الشيء الثانى على الشيء الاول...
اذن اذا كان العالم يؤثر على الوعى -وهذه فيها اتفاق- فان الوعى يجب ان يؤثر على العالم..
لكن الشروط التجريبية الاعتيادية فى الفيزياء و البيولوجيا يمكنها دون عواقب وخيمة ان تفترض انه ليس هناك تاثير لان هذه التاثير -تاثير الوعى على العقل- ضعيف جدا..
ثم يعطى المثال الرائع التالى: الاجسام الميكانيكية تؤثر على الضوء-هذا واضح والا لما امكننا رؤيتها- لكن التجارب التى يمكن ان تبين عن التأثير العكسى للضوء على الاجسام الميكانيكية-وهو تاثير فيزيائى نعرف يقينا انه موجود- هى تجارب صعبة جدا. و ان هذا التاثير ما كان يمكن ان نكتشفه اصلا لولا ان الاعتبارات النظرية اشارت الى وجوده مثلا فى ظاهرة الضغط الضوئى...
ثم يواصل فى هذا المثال الذى يشبه فيه الوعى العقلى بالضوء يقول:
ثم ان العقول المختلفة تتفاعل مع بعضها البعض فقط عبر العالم المادى مثلما ان الضوء لا يتفاعل مع الضوء مباشرة لكنه يؤثر اولا على الاجسام المادية التى تعاود وتتفاعل مع الضوء.. وهذا التفاعل غير المباشر هو تفاعل ضعيف فى الظروف العادية..
لكن الفرق ان الضوء يمكنه ان يتفاعل مع اى جسم مادى مهما كان لكن العقل يمكنه ان يتفاعل فقط مع جسم مادى بعينه هو المخ و الجسم الذى يحتله ذلك العقل...
اذن العقول لا تتفاعل مع بعضها البعض الا عبر العالم المادى..وهذه ملاحظة عميقة فى رأيى وهذا يعنى مثلا ان كل علمنا ومعرفتنا حول العقول الاخرى لا يتوفر الا عبر العالم المادى..وهذا يذهب نوعا ما فى اتجاه السوليبسيزم solipsism اى فلسفة انكار وجود العقول الاخرى و ان عقل الانا فقط موجود حقيقة..
اخطر من هذا فى رايى فان فكرة ان العقول لا تتفاعل الا عبر العالم المادى -وهى فكرة صحيحة- تؤدى ايضا الى الفكرة الاخرى الاخطر ان العالم المادى هو جوهر اهم من العقل لان العقل يحتاج المادة اما المادة فانها لا تحتاج العقل...وهذا منسجم مع التفسير المباشر للاية القرآنية
لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ
لكن فيغنر يرجع و يقدم تجربة فكرية gedanken شهيرة تسمى صديق فيغنر Wigner freind تجعل فعل الملاحظة او القياس الكمومى -وهو الجسر بين العقل و العالم- فعلا اساسيا-متابعا فى ذلك لبور Bohr و تفسير الكوبنهاغن Copenhagen interpretation- لكن هذا الفعل هو فعل اساسى لا يقوم به الا العقل..
بعبارة اخرى فانه فى تفسير فيغنر للميكانيك الكمومى فان اداة القياس الحقيقية الوحيدة هى العقل و ان العقل بقياسه و ملاحظته هو الذى يتسبب فى انهيار دالة موجة العالم اى وجود العالم الذى نراه على الحال التى نراه عليها...
اذن بعبارة اخرى فان العالم غير موجود بدون القياس و الملاحظة التى يقوم بها العقل.. اذن هو غير موجود بدون العقل!!!...
وهذا التفسير هو تفسير نادر فى الميكانيك الكمومى لان الاغلبية الساحقة من الفيزيائيين هم احاديين ماديين اما هذا التفسير فيتطلب الثنائية الديكارتية اى ان العقل فعلا جوهر مختلف عن جوهر المادة..
هذا التفسير يعرف باسم "العقل هو الذى يتسبب فى انهيار دالة الموجة" او تفسير فون نيومان-فيغنر Von Neumann-Wigner interpretation...
أما تجربة صديق فيغنر المحورية فنترك توصيفها لفرصة اخرى...
وكل حقوق هذه القراءة محفوظة لصاحبها ..

الثنائية الثقالية/المعيارية و تفسير الميكانيك الكمومى


أما الثنائية الثقالية/المعيارية gauge/gravity duality فهى مثال آخر على الثنائيات العديدة التى تحتويها الفيزياء ام الاحادية المادية...
وهذه الثنائية تبقى اهم نتائج نظرية الاوتار الممتازة قاطبة لا يختلف فى ذلك اثنان...
هى تنص على ان اى نظرية معيارية تحتوى داخلها على نظرية ثقالة كمومية حتى النظريات المعيارية للكهرومغناطيسية و النووية و الاشعاعية فهى تحتوى داخلها -لمن يستطيع ان يجد- نظرية ثقالة كمومية..
هذه نظرة خارقة للعادة..
لكن حتى ننجو من مبرهنة عدم الذهاب no-go theorem لويتن Witten و واينبرغ Weinberg التى تنص فيما تنص على ان الغرافيتون graviton -وهو الجسيم الحامل لقوة الجذب الثقالى- لا يمكن ان يكون جسيم مركب من اجسام معيارية gauge particles او غيرها فان النظرية الثقالية الكمومية يجب ان تعيش فى فضاء-زمن مختلف اكبر من الفضاء-زمن الذى تعيش فيه النظرية المعيارية المكافئة..
وهذا بعبارة اخرى هو نص المبدأ الهولوغرافى holographic principle للعبقرى الرائد توفت t Hooft الذى كاد ان يختطفه منه العبقرى العجوز ساسكيند Susskind لولا الله سبحانه و تعالى و الاركايف arXiv و نحن الذى لا يهمنا هؤلاء العباقرة الامريكان و الاسرائليين فى شيء اكثر من الفيزياء التى ينتجونها.. فتوفت فعلا كان سباقا لهذا المبدأ سبقا واضحا اصيلا اصليا لا غبار و لا مراء فيه..
ثم تذكروا ان توفت حاصل على نوبل و ساسكيند رغم عبقريته لم و لن يحصل عليها ككل عباقرة الوتر من الامريكان و الاسرائيليين و غيرهم حتى تصبح الوتر نظرية قابلة للتكذيب على رأى بوبر Poper..
وهذا رأى رجل يحب الوتر...حتى لا تظنوا أننى ضد الوتر مثل الذين يريدون اختزالها للايديولوجية بسبب العجز او التعاجز...
اذن حتى ننجو من مبرهنة عدم الذهاب لويتن و واينبرغ و ننسجم مع المبدا الهولوغرافى فان النظرية الثقالية فى الثنائية الثقالية/المعيارية يجب ان تعيش فى فضاء ابعاده اكبر من ابعاد الفضاء الذى تعيش فيه النظرية المكافئة المقابلة...
مثال مشهور اكثر من الشهرة نفسها فى الفيزياء النظرية: مجموعة N من براينات دريشليى Dirichelet branes Dp متطابقة على بعضها البعض فانها توصف من جهة بنظرية حقل معيارى U(N) تعيش فى الحجم الكونى world volume لهذه البراينات المتطابقة اى فى فضاء-زمن بعده p+1 و توصف من جهة اخرى بمترية منحنية لفضاء-زمن نظرية الوتر الذى عدد ابعاده 10 وهى مترية البراين الاسود black brane p الذى هو تعميم للثقب الاسود... فقط فى البراين الاسود p المفردة فيه هى سطح يكون بعده p و ليس نقطة...
مثال آخر مشهور وهو اشهر من المثال اعلاه للثنائية الثقالية/المعيارية هو المقابلة بين نظرية الحقل الكونفورمال CFT و الفضاء-زمن خاصة دى سيتر العكسى Anti de Sitter AdS المعروفة باسم المقابلة AdS/CFT ....
اختم بالاقتراح الذى اقدمه هنا لاول مرة هو لماذا لا نستعمل هذه المقابلة بين الثقالة و النظرية المعيارية من اجل اعطاء تفسير للميكانيك الكمومى..فالنظرية المعيارية ابسط تعبيراتها هو الميكانيك الكمومى المصفوفى..اذن حسب الثنائية المعيارية/الثقالية فان هذا الميكانيك الكمومى هو ثقالة ممتازة و هى نظرية كلاسيكية لا اكثر و لا أقل...و لن تكون فيها اذن كل تلك التعقيدات الميتافيزيقية التى نجدها فى الميكانيك الكمومى بدون مقابل ثقالى..
وهذا احد تلك المنشورات التى استمدها من محاضراتى التقنية..
وكل الحقوق محفوظة لصاحبها...

مبدأ هايزنبرغ للارتياب..


الواقع فى حقيقته كمومى وليس كلاسيكى..
اذن علينا ان نذهب و نفهم الميكانيك الكمومى ليس هناك حل آخر..
اولا اى جملة كمومية نعبر عليها بحالة كمومية هى عبارة عن شعاع فى فضاء شعاعى مركب يسمى فضاء هيلبرت...هذه الحالة هى التى نمثلها على فضاء الموضع -وهو الفضاء الفيزيائى الذى نعيش فيه و نعرفه- بدالة الموجة...اذن الاصل هو شعاع حالة فى فضاء هيلبرت وهذا الشعاع نمثله بدالة الموجة التى تعبر عن احتمال وجود الجملة او الجسيم فى مكان ما..هذه الحالة او الدالة تخضع لمعادلة شرودينغر بمعنى انها تعطى بحل معادلة شرودينغر من اجل الجملة قيد الدراسة..
ثانيا الميكانيك الكمومى يفرق بين الحالة و بين المقادير الفيزيائية التى يهمنا قياسها..اذن الحالة شيء و مثلا موضع الجسيم -الذى هو مقدار فيزيائى- و كذا كمية حركة الجسيم-وهو مقدار فيزيائى آخر- اشياء اخرى..الحالة كما ذكرنا اعلاه هو شعاع فى فضاء هيلبرت اما المقدار الفيزيائى فهو مؤثر على فضاء هليبرت..اذن الموضع و كمية الحركة و الطاقة و العزم الحركى و غيرها فهى مقادير فيزيائية يعبر عنها بمؤثرات تؤثر على فضاء هيبلرت..
قياس هذه المقادير هو من اصعب الامور فهما لانه لا يخضع لمعادلة شرودينغر الاحادية لكن يخضع لمسلمة الانهيار و لن اتكلم عن هذا الموضوع الشائك الذى يمس ماهية الواقع نفسه..
لكن اذهب فى طريق آخر..المؤثرات بطبيعتها كمؤثرات تؤثر على فضاء هليبرت هى اجسام رياضية لا تتبادل فيما بينها..مثلا الموضع و كمية الحركة هى مؤثرات لا تتبادل فيما بينها فاذا ضربنا شعاع الحالة بمؤثر الموضع ثم ضربناه بمؤثر كمية الحركة فاننا نحصل على نتيجة لا تساوى النتيجة التى نحصل عليها اذا ضربنا دالة الموجة بمؤثر كمية الحركة ثم ضربناها بالموضع..نقول ان الموضع و كمية الحركة هما مؤثرات غير متلائمان incompatible operators..اكثر من هذا فان الموضع x و كمية الحركة p هما مؤثران مترافقان conjugate operators بمعنى ان المبدل بينهما يساوى بالضبط ثابت بلانك اى
p*x-x*p=i*h
هذا يترتب عنه مبدأ فيزيائى عظيم هو مبدأ الارتياب لهايزنبرغ..بكل بساطة قياس موضع الجملة بدقة dx و كمية الحركة بدقة dp يترتب عليه عدم تيقن او ارتياب اساسى فى القياسين يعطى بالضبط ب
dx*dp=h
اذن هذا يعنى ان الارتيابين فى قياس مؤثرى الموضع و كمية الحركة متناسبين عكسا..اذا اردنا معرفة موضع الجسيم بدقة متناهية فاننا سنفقد كل الدقة فى قياس كمية الحركة و هذا يقابل دالة موجة تسمى دالة ديراك المتمركزة حول موضع الجسيم و التى ليس لها اى قيمة محددة لكمية الحركة...
واذا اردنا معرفة كمية حركة الجسيم بدقة متناهية فاننا سنفقد كل الدقة فى قياس الموضع وهذا يقابل دالة موجة هى بالضبط الموجة المستوية...
لهذا فان افضل وصف للجسيم هو الحزمة الموجية التى هى حل وسط بين الوضعيتين الحديتين اعلاه...
هذا الارتباط العكسى بين الارتياب فى الموضع و الارتياب فى كمية الحركة هو مبدأ فيزيائى طبيعى و ليس راجعا الى عجزنا التكنولوجى او عدم توفر ادوات القياس الكافية او عدم توفر اهل التجربة الاكفاء لان هذا الارتباط العكسى راجع الى كون الموضع و كمية الحركة هما مؤثران مترافقان غير متلائمان على فضاء هيلبرت..اذن هو امر مبدأى رياضى بانعكاسات فيزيائية عميقة و ليس امر تقنى تكنولوجى..وهو امر ايضا صحيح يطبق على كل المؤثرا ت الاخرى المترافقة فى الميكانيك الكمومى وليس فقط على الموضع و كمية الحركة...وهذا امر قد يغيب على كثير من يدرس هذه الامور..
و اشير فى الاخير ان هذا الامر هو اصل ظواهر التداخل و كل الظواهر الأخرى التى تعتمد على الثنائية موجة-جسيم او ما يسمى بمبدأ التكامل complementarity principle العميق فى الميكانيك الكمومى... اذن كل شيء مرتبط بكل شيء والامور تحتاج الى رباطة جأش و تأنى و صبر و هدوء للوصول بها و معها الى بر الامان...